ميديا وفنون

الصين تتمنّع عن الاحتفال بفوز ابنة بلادها بجائزة الأوسكار

التجاذب السياسي يحول دون احتضان كلويه جاو

كان من الممكن أن تكون جوائز الأوسكار هذا العام لحظة فخر كبيرة للصين، بعد أن دخلت المخرجة المولودة في بيكين، كلويه جاو، التاريخ يوم الأحد بفوزها بجائزة أوسكار أفضل مخرج عن فيلمها “Nomadland”، لتصبح أول امرأة آسيوية وثاني امرأة تفوز بالجائزة على الإطلاق؛ كما فاز الفيلم أيضًا بجائزة أفضل صورة. لكن الصين لا تحتفل، على الأقل ليس رسميًا.

على العكس من ذلك، لم يتم بث حفل توزيع جوائز الأوسكار لهذا العام في أي مكان في الصين- بما في ذلك على منصتي بث رئيسيتين، حيث تم عرض الحفل السنوي مباشرة في السنوات السابقة. وفي هونغ كونغ، اختار مذيع بارز عدم بث حفل توزيع جوائز الأوسكار لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن.

على الرغم من أنّ فوز جاو يتصدر عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم، إلا أنّ وسائل الإعلام الحكومية الصينية ظلت هادئة بشكل واضح. بعد ساعات من الإعلان، لم يتم العثور على أي تقارير عن فوزها على المواقع الإلكترونية لوكالة الأنباء الحكومية شينخوا أو الإذاعة الحكومية CCTV. كما تعرّضت منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر أخبار فوزها للرقابة.

الصمت الرسمي يتناقض مع نتائج مارس/ آذار الماضي، عندما فازت جاو بجائزة أفضل مخرج في غولدن غلوب. في ذلك الوقت، سارعت وسائل الإعلام الصينية بتهنئتها، ووصفتها صحيفة التابلويد القومية غلوبال تايمز بأنها “فخر الصين”.

لكن الثناء على المخرجة الفائزة لم يدم طويلاً. إذ بحث مستخدمو الإنترنت الصينيون في مقابلة عام 2013 أجرتها مع مجلة السينما الأميركية Filmmaker ، حيث بدت وكأنها تنتقد الصين في طفولتها باعتبارها مكانًا  “حيث توجد أكاذيب في كل مكان”. وفي مقابلة أخرى حديثة مع وسائل الإعلام الأسترالية، نُقل عن جاو قولها إنّ الولايات المتحدة “هي الآن بلدي في النهاية”. وما لبث أن أوضح الموقع في وقت لاحق أن جاو قد أخطأت في الاقتباس- ما قالته في الواقع هو أن الولايات المتحدة “ليست بلدي”.

لكن الضرر كان قد وقع؛ وسارع حينها القوميون الصينيون على الإنترنت لمهاجمة جاو، واتهموها بـ “تشويه سمعة الصين”. حتى أن البعض دعا إلى مقاطعة الفيلم. ولم يمض وقت طويل حتى اختفت المواد الترويجية لـ Zhao “Nomadland” من موقع التواصل الاجتماعي Weibo، منصة الصين الشهيرة الشبيهة بالتويتر.

الفيلم، الذي كان من المقرّر طرحه في الصين في 23 أبريل، تمت إزالته أيضًا من مواقع الأفلام الرئيسية في البلاد. اعتبارًا من يوم الاثنين، ليس هناك ما يشير إلى أن “Nomadland” ستأتي إلى المسارح الصينية في أي وقت قريب.

ويعتبر التنصل السريع من جاو أحدث علامة على مدى انتشار المشاعر القومية في الصين في عهد الرئيس شي جين بينغ. فهي لم تنتقد الصين منذ أن صعدت إلى الشهرة، ولكن يبدو أن تعليقًا واحدًا تم الإدلاء به قبل ثماني سنوات كافٍ لتدمير صورتها – ووقف إطلاق فيلمها.

إلى ذلك، يعتبر الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، أنّ تربية جاو ذات الامتيازات النسبية والتعليم الغربي، قد لا تجعلها المرشحة المثالية لاحتضانها كقصة نجاح صينية. إذ التحقت جاو بمدارس في بريطانيا والولايات المتحدة، قبل أن تلتحق في نهاية المطاف بمدرسة السينما في جامعة نيويورك – وهي تجربة بعيدة المنال بالنسبة لمعظم الصينيين.

بالإضافة إلى رد الفعل القومي العنيف ضد جاو، فإنّ جوائز الأوسكار لهذا العام هي أيضًا شوكة سياسية للحكومة الصينية لسبب آخر – فقد تم ترشيح فيلم “Do Not Split”، وهو فيلم مدته 35 دقيقة يؤرخ احتجاجات هونج كونج المؤيدة للديمقراطية لعام 2019، لجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير (لم يفز في النهاية).

لكن في الصين، لا تزال جاو تحظى بنصيبها من المؤيدين. مع مشاركة أخبار فوزها من قبل حسابات غير رسمية على Weibo، ترك العديد من المستخدمين تعليقات يهنئون جاو وينتقدون الهجوم القومي ضدها. لكن سرعان ما بدأت الرقابة، واختفت المنشورات في غضون ساعات.

كانت إحدى المنشورات الشهيرة التي تم حذفها من Weibo مقطع فيديو لخطاب قبول جاو في الحفل، حيث تحدثت بفخر عن جذورها الصينية. وقالت إنّها اعتادت تلاوة القصائد والنصوص الصينية الكلاسيكية مع والدها.

أحوال

أحوال

موقع أخباري يصدر عن شركة مدنية غير ربحية في بيروت، يقدم من خلال مساحة رقمية حرة وعصرية أخبارًا سريعة، عظيمة الثقة، لافتةً للنظر، ثريةً، وتفسيرًا للاتجاهات الحالية والمستقبلية، التي تؤثر في أحوال الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى